من أشهر نوادر الأندلس !

0
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته






من أشهر نوادر الأندلس، 


جميعنا يعرف محمد بن عبّاد، وهو سلطان إشبيلية في زمن ملوك الطوائف ... كان وزيره و صديق عمره ابن عمار شاعراً حاله حال جميع أهل الزمان و مرة من المرات كانا يمشيان على ضفة النهر في مرج الفضة، و بينما هما يمشيان .. هبت نسمات خفيفة حركت مياه النهر فالتمعت،

و كان محمد و ابن عمار معتادان على أن يبدأ أحدهما شطراً من الشعر و يكمل الثاني الشطر الثاني .. فينسجان الأبيات سويةً، فحين رأى محمد منظر الماء عندما تحرك قال : (صنع الريح من الماء زرد )... أكمل يا ابن عمار
فسكت ابن عمار و أخذ يفكر بالشطر الثاني .... و بينما هما يمشيان كان ابن عمار يكرر الشطر .... و كان على ضفة النهر جارية تغسل ....فسمعت الشطر و ردّت أي درع لنحور لو جمد) .

فسمعها محمد بن عباد و التفت ... و حين وقعت عيناه عليها ، أعجبه جمالها و منطقها و سرعة بديهتها ... و حين سألها عن اسمها اجابته : اعتماد .. فسألها : من سيدك ؟ فقالت : الرُّميك .....

فأرسل الأمير جوارٍ و نسوة يخطبنها له و يحملنها إليه زوجة ... فتزوجها و كان متيماً بها.... حتى إذا توفي أبوه المعتضد و أصبح هو الأمير .... و كان جالساً معها مرة فقال لها : صيغي لي من اسمك اسماً .... فسمّته المعتمد .. و ذهب اسماً له و أصبح معروفاً بالمعتمد ابن عباد .
عاشت معه أجمل حياة وكان لا يرد لها طلباً .... و يوماً من الأيام كانت على نافذة جناحها في القصر .... و رأت الجواري بائعات اللبن ينادين (لبن .. لبن ) و قد كشفن عن سيقانهن .... و أخذن يلعبن بالطين .. بأرجلهن ...
فحنّت اعتماد لأيامها كجارية ... و رغبت في أن تلعب بالطين كما السابق ... و قالت للمعتمد : أشتهي أن أفعل فعلهن أنا و جواريّ ..
فقال لها : كيف و أنت ملكة .
.
لكنه لم يرد أن يرد طلبها ... فأرسل في طلب أنواع مختلفة من الطيوب و البخور و العود و المسك و الكافور ... و أمر أن يمزج بماء الورد ليصبح على هيئة الطين .... و فرشه لها في باحة القصر و نزلت اعتماد و جواريها ... فشمّرن عن سيقانهن .. و أخذن يلعبن بالطيوب و يتمرغن فيها... و قد كلّف ذلك الخزينة أموالا طائلة ... لكن المعتمد لم يكن ليكسر بخاطر اعتماد ..


و لما سقطت ممالك الطوائف و انهار مجد و عز بني العباد .. و نُفيَ المعتمد إلى أغمات و ذاق الذل و الهوان ... عادت اعتماد إلى زمانها الاول ...و عادت إلى عمل الجواري و أصبحت بناتها حفاةً عراة يعملن بالغزل ويبعنة في السوق... و صار الناس يتصدقون عليهن بالمال و الطعام ...و بقيت هى مع المعتمد ... و مرة كانت قد ضاقت بحياتها و ذلها ... و كان جالساً معها فقالت له : (لم أرَ منك خيراً قط)
فنظر المعتمد إليها و قال لها : ولا يوم الطين ؟!! ... فصمتت و نظرت إليه و بكت و اعتذرت ...و ماتت اعتماد ... و لشدة حب المعتمد لها ... مات كمداً عليها بعد ثلاثة أشهر ...
و كتب أبياتاً يرثي فيها حاله و يشير إلى يوم الطين :




فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا *** فساءك العيد في أغمات مأسورا
ترى بناتك في الأطمار جائعة *** يغزلن للناس مـا يملكـن قطميـرا
برزن نحوك للتسليم خاشعة *** أبصارهن حسيـرات مكاسيـرا
يطأن في الطين والأقدام حافية *** كأنها لم تطـأ مسكـاً و كافـورا
قد كان دهرك إن تأمره ممتثـلاً *** فـردك الدهـر منهيـاً ومأمـورا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © الإسلام و الأندلُس | تاريخ وحضارة

تصميم الورشه